تفسير قوله تعالى: (فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا يا أبانا منع منا الكيل)
﴿فَلَمَّا رَجِعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُواْ يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [يوسف: ٦٣].
((فَلَمَّا رَجِعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُواْ يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ)) أي: أنذرنا بمنعه بعد هذا إن لم نأت بأخينا فيما يستقبل.
((فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ)) أي: نرفع المانع من الكيل، ونكتل من الطعام ما نحتاج إليه، وقرئ: ((فأرسل معنا أخانا يكتل)) أي: يكتل أخونا لنفسه مع اكتيالنا.
((وإنا له لحافظون)) أي: من أن يناله مكروه.
((وإنا له لحافظون)) هذه نفس العبارة التي قالوها في حق يوسف عليه السلام، فلذلك أثاروا شجون يعقوب عليه السلام وذكروه بما مضى من قولهم في حق يوسف: ﴿أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [يوسف: ١٢] فقال: ﴿قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ [يوسف: ٦٤].
((قال هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل)) أي: هل أقدر أن آخذ عليكم العهد والميثاق أكثر مما أخذت عليكم في يوسف، فقد قلتم: ((وإنا له لحافظون)) ثم خنتم بضمانكم، فما يؤمنني من مثل ذلك؟ فلا أثق بكم ولا بحفظكم وإنما أفوض الأمر إلى الله ((فالله خير حافظاً)) أي: خير منكم ومن كل أحد هناك قراءة أخرى: ((فالله خير حِفظاً)) وهذا فيه إيماء إلى أنه مستعد أن يرسله؛ لأنه قال: ((فالله خير حافظاً)) أو ((فالله خير حفظاً)).
((وهو أرحم الراحمين)) أي: أرحم من والديه وإخوته.