النصارى عقيدة المسيح عليه السلام، ثم بين سبحانه علاقة المسلمين بالمشركين واليهود، ومن جاورهم من النصارى، وبين أن الأخيرين كانت علاقتهم بالمسلمين مودة، وذكر الرهبان عندهم، وبين بهذه المناسبة إباحة القرآن للطيبات، وأشار إلى تحريمه للخبائث في ذاتها بتحريم الخمر، ثم أشار إلى ما حرم من مكان معلوم ووقت معلوم ثم ذكر مكانة الكعبة، وما حرمه المشركون على أنفسهم من غير حجة ولا سلطان مبين، ثم تكلم عن شهادة أوصياء الميت إذا مات غريبا وكان المناسب بعد ذلك أن يتكلم عن حال الناس بعد أن يجمعوا يوم القيامة، ومقالة الرسل لمن بعثوا إليهم، وأخصهم عيسى - عليه السلام - الذي ادعيت أولوهيته، فقال تعالت كلماته:
(يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوب) قال كثيرون من المفسرين، وعلى رأسهم إمام البلاغة الزمخشري: إن هذه الآية غير مقطوعة عن سابقتها من ناحية السياق اللغوي؛ لأن (يَوْمَ) متعلق بقوله سبحانه: (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا): أي اتقوا الله تعالى واسمعوا الحق وأنصتوا إليه يوم القيامة يوم يجمع الله الرسل، ويسألهم عن إجابة أقوامهم لدعواتهم الحق، ويصح أن تكون متعلقة بقوله تعالى: (وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ).
والمعنى، والله سبحانه وتعالى لَا يهدي القوم الفاسقين إلى ما فيه نعيم يوم القيامة، يوم يجمع الله الرسل ويسألهم؛ لأن اليوم ليس بيوم تكليف ولكنه يوم جزاء، ويكون الفسق شاملا للكفر؛ لأن الكافر فاسق عن أمر ربه.
وبعض المفسرين، قطع الآية عما قبلها واعتبرها إنذارا مبتدءا، وقالوا إن قوله سبحانه: (يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ). متعلق بمحذوف مقدر هو - اذكر - لأهل الكتاب يوم يجمع الله الرسل.... في هذا اليوم المشهود يقول الله تعالى مخاطبا رسله الأكرمين بالتجلى عليهم:
(مَاذَا أُجِبْتُمْ). والمعنى أي إجابة أجبتموها؛ وذكر بالبناء للمفعول، ولم يذكر أقوامهم، فلم يقل ولله المثل الأعلى أي إجابة أجاب أقوامكم، تحقيرا