(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (٩٣) وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٩٤)
* * *
بين الله تعالى منزلة كتابه الكريم وذكر أنه الحق الذي لَا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وقد بدأ سبحانه وتعالى بذكر ظلم من يفترى عليه سبحانه، ويدعى أنه أوحى الله تعالى إليه، ولم يوح إليه بشيء، فقال تعالى:
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ).
الاستفهام في قوله تعالى (وَمَنْ أَظْلَمُ) هو للإنكار بمعنى النفي، وفيه من التنديد بالذين يفعلون ذلك أشد التنديد، وقد ذكر سبحانه افتراءهم على الله بنفيهم إنزال الرسل، وقولهم: (... مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِن شَيْءٍ...)، والآن يبين أنهم لَا يقفون موقف الإنكار، بل يبهتون ويكذبون ويفترون، وذكر سبحانه طوائف ثلاثة ترتكب في حق الله تعالى أشد الظلم لأنفسهم