(سُورَةُ التَّوْبَةِ)
تمهيد:
وهي مدنية وعدد آياتها ١٢٩ ويقولون إلا الآيتين الأخيرتين فمكيتان.
وفى المصحف أنها نزلت بعد المائدة، ولكن الثابت أن آية (... الْيَوْمَ أَكمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا...)، نزلت في عرفة في حجة الوداع، وأن براءة نزلت في حجة الصديق رضي الله عنه، وصلى بها علي بن أبي طالب، فهي قبل المائدة، وقالوا: إنها نزلت في تبوك، وفيها أخبار المسلمين والمنافقين في هذه الغزوة مما يدل على أنها مقارنة لها في الزمان، وتسمى " الفاضحة "؛ لأنها فضحت المنافقين، وتسمى " البَحُوث؛ لأنها بحثت أسرار المنافقين وكشفتها، ولم تبدأ بـ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) كغيرها من السور.
وقالوا في ذلك: إن الصحابة لم يفصلوا بينها وبين سورة الأنفال بالبسملة، وذلك لأن القرآن الكريم كتب ما كتب فيه بالتوقيف لَا بالرأي، ووضعت آياته وسوره بالتوقيف، وقد اتبع زيد بن ثابت والجماعة الذين كانوا معه ما رسمه رسول الله - ﷺ - من سوره ونزل عليه من آياته ووضع كل آية في موضعها من سورتها، ولم يضع " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " بين الأنفال وبين براءة، والكتابة سنة متبعة ثابتة بالتوقيف، هذا لَا مجال للريب فيه فقد ثبت بالتواتر.
وقالوا في الحكمة في عدم كتابة البسملة: فمنهم من قال إن البراءة امتداد للأنفال فموضوعهما في الحرب والعهود، وتلك حكمة واضحة بينة، وقال بعضهم إن الرحمة والسلام اللذين تدل عليهما البسملة، لَا يتناسبان مع ما اشتملت سورة براءة من نقض للعهود، وتهديد بالحروب، وكشف للنفاق.