(سُورَةُ يُوسُفَ)
تمهيد:
سورة يوسف سورة مكية، وعدد آياتها إحدى عشرة ومائة، وقالوا: إن أربع آيات هي الأولى والثانية والثالثة والسابعة مدنية، ولا نرى فيها ما يدل معناها على أنها مدنية، والله أعلم.
ولقد كفرت طائفة من الطوائف الخارجة عن الإسلام بإنكارها سورة يوسف، وادعاء أنها ليست من القرآن، وكأن القرآن يخضع بالزيادة والنقصان للأهواء المنحرفة، وإن ادعت التمسك بالدين، فهي تمرق منه مروق السهم من الرمية، وأولئك هم أتباع عبد الكريم عجرو، وإن القرآن كله غير منقوص ثبت بالتواتر عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وأنه تلقاه عن جبريل الرسول الأمين عن رب العالمين مرتلا متلواّ، كما قال تعالى: (... وَرَتَّلْنَاهُ تَرتِيلًا).
وما كان لنا أن نعرف ما دفعهم إلى هذا الإنكار الذي كفروا بسببه، ولكن نذكره لبيان أنه وهم كافرين لم يذوقوا القرآن ولم يعلموه، قالوا إنها قصة غرام، ونزلت دفعة واحدة، والقرآن منزه عن ذكر الغرام والحب، والقرآن نزل منجما، ونقول في الإجابة عن ذلك، إنها قصة المجتمع المصري، والأسرة الفرعونية التي طغت في البلاد وأكثرت فيها الفساد، وقال قائلهم: (... أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى)، وبيته على هذا النحو من الانحلال، وهي بينت مغبة الغرام، وكيف يوجد الانحلال، والاستعصام بالفضيلة حيث تفور فورة الرذيلة، ودعوة الوحدانية في وسط الوثنية، وتدبير الاقتصاد، واستعانة الفراعنة بخبراء الاقتصاد حيثما كانوا، وخضوعهم لآرائهم، وتوسيد الأمر لهم، ثم هي تبين مركز مصر