(سُورَةُ الْحِجْرِ)
تمهيد:
أول الجزء الرابع عشر، وأوله سورة الحجر، وهي سورة مكية إلا ما قيل:
إنه يستثنى مكَّيتُهُ وهي الآية السابعة والثمانين، وعدد آياتها [٩٩].
وقد ابتدئت بالحروف المفردة (الر)، وذكر بعدها القرآن الكريم (تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ) وقد أخبر سبحانه أنه (رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ) ولكن غلب عليهم الهوى، (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)، وإن بين أيديهم العبر (وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ) ومن لهوهم وعبثهم قوله لنبيهم: (وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (٦) لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٧)، وإن الملائكة لَا تنزل، وإذا نزلوا لَا يؤجلهم (مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (٨)، وذلك شأن الكافرين يتوارثون ذلك الفكر السقيم جيلا بعد جيل، وإن القرآن باق (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (١٠) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ (١١) كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (١٢) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (١٣).
وإن الآيات لَا تخزيهم؛ لأن قلوبهم أغلقت عن الحق (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (١٤) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (١٥).
بعد ذلك أخذ ينبههم سبحانه إلى خلقِ السماوات والأرضِ وما فيها من عجيب التكوين (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (١٦) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ