(سُورَةُ طه)
تمهيد:
هذه السورة مكية وعدد آياتها ١٣٥، وكلها نزلت بمكة، وقيل إلا آية ١٢، ١٣، وقد ابتدأت بخطاب النبي - ﷺ - بأن الله تعالى ما أنزل عليه القرآن ليشقى بتحمل أعباء الكافرين في كفرهم، وليس هو إلا مذكر، والقرآن تنزيل من قوي قاهر خلق السماوات العلا، وهو المسيطر على هذا الوجود. (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) وهو يعلم كل شيء، (وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى).
وقد تحدث سبحانه بحديث موسى عليه السلام في بعثه وخطاب الله تعالى له، وقد رأى نارا (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى (١١) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (١٢) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (١٣) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (١٤) إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (١٥)، وبذلك أخبره بِاختياره نبيا ونبهه إلى معجزته الأولى وهي العصا، قال: (وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (١٧) قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى (١٨) قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى (١٩) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (٢٠).
وأمره أن يأخذها ولا يخاف، وأعقبها بمعجزة أخرى فقال: (وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى (٢٢) لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى (٢٣). كلفه بعد أن رأى هاتين الآيتين أن يدعو فرعون إلى الهدى فقال سبحانه:
(اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى) ولكن موسى الكليم يحس بضعفه، وأنه لا يحسن القول فيقول: (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (٢٥) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (٢٦) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (٢٧) يَفْقَهُوا قَوْلِي (٢٨) وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (٢٩) هَارُونَ أَخِي (٣٠) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (٣١)


الصفحة التالية
Icon