(سُورَةُ الْحَجِّ)
سورة الحج مدنية إلا الآيات ٥٢، ٥٣، ٥٤. ٥٥، وعدد آياتها ثمان وسبعون آية، وسميت الحج في عرف القراء؛ لأن مناسك الحج كثيرة فيها.
وقد ابتدأت السورة بذكر يوم القيامة: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (١) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (٢) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ (٣).
وأشار سبحانه إلى أن من يتولاه الشيطان فإنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير، وذكر سبحانه من ينكرون البعث وقال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٥).
ويشير إلى أن ذلك التطور التكويني يثبت أن اللَّه هو الحق، وأنه يحي الموتى، وأن الساعة آتية لَا ريب فيها، وأن اللَّه يبعث من في القبور، ويذكر الذين يجادلون في اللَّه بغير علم ولا هدى ولا سلطان مبين، ويتولون معرضين ويضلون عن سبيل اللَّه، وأن عقابهم في الآخرة عذاب الحريق، وفي الدنيا خزي.
وبعد أن ذكر سبحانه الأشرار الخالصين للشر، ذكر من يترددون، فيعبدون اللَّه على حرف إن أصابهم خير اطمأنوا إليه، وإن أصابتهم فتنة انقلبوا على وجوههم خسروا الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين. وإن هؤلاء وأولاء