(سُورَةُ الْفُرْقَانِ)
تمهيد
هذه السورة مكية إلا ثلاث آيات هي أرقام ٦٨، ٦٩، ٧٠، وعدد آياتها سبع وسبعون آية.
سميت سورة الفرقان؛ لأنها ابتدأت بذكر تنزيل القرآن على عبده، فقال تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا)، ووصف ذاته العلية بأنه الذي له ملك السماوات والأرض، ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديرا، ثم ذكر شرك المشركين الذين اتخذوا مع اللَّه آلهة لا يَخْلُقون، وهم يُخْلَقون ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا، ولا موتا، ولا حياة، ولا نشورا، وأنكروا القرآن الكريم مع عجزهم عن أن يأتوا بمثله، وقالوا: (إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (٤) وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٥).
ورد اللَّه سبحانه وتعالى بقوله: (قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (٦)، وتحدثوا في جدلهم بالنبي وأنكروا أن يكون الرسول - ﷺ - من البشر: (وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (٧) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (٨).
وقد رد سبحانه افتراءاتهم فقال: (انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (٩).