فضل تعلُّم القرآن وتعليمه:
الحمد لله الذي علّم القرآن، وجعل تعليمه نعمة مقدمةً على خلق الإنسان، ومقدمةً على تعليمه البيان ﴿الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (٤)﴾ (الرحمن).
والصلاة والسلام على رسول الله الهادي إلى سبيل الإيمان، وعلى آله وصحبه وأهل القرآن، اللهمَّ أدخلنا في زمرتهم يا رحيم يا رحمن!
أما بعد:
فلما أحبَّ النبيُّ - ﷺ - عبدَ الله بن عباس المحبة البالغة، والتي دفعته إلى أن ضمَّه إلى صدره، دعا له ببالغ الدعاء وأعظمه، وطلب له كمال الخير وأكمله، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ ضَمَّنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وَقَالَ: اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ (البخاري: ٧٣).
وتعليم الكتاب لا ينحصر في قراءته وحفظه فقط، بل فهمه في أعلى المقامات، لأن الغاية من إنزاله وإرساله هو اتباع الخلق، ولا يكون ذلك إلا بعد الفهم والعلم.
وعلم تفسير القرآن هو مَن أجلس ابنَ عباس - وهو ما زال فتى - مجالس الشيوخ الكبار من أصحاب الرأي والمشورة، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِي مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ. فَقَالَ: بَعْضُهُمْ لِمَ تُدْخِلُ هَذَا الْفَتَى مَعَنَا، وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ؟