(والله لا يحب) أي لا يرضى لأن الحب مختص بالتوابين (كل كفار أثيم) فيه تشديد وتغليظ عظيم على من أربى حيث حكم عليه بالكفر، ووصفه بأثيم للمبالغة وقيل لإزالة الاشتراك إذ قد يقع على الزراع، ويحتمل أن المراد بقوله (كل كفار) من صدرت منه خصلة توجب الكفر، ووجه التصاقه بالمقام أن الذين قالوا إنما البيع مثل الربا كفار.
وقد تقدم تفسير قوله
(إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم) قيل المراد به الذين آمنوا بتحريم الربا والعموم أولى، والإيمان التصديق بالله ورسوله والعمل الصالح الذي أمرهم الله به ومن جملته ترك الربا، والصلاة والزكاة هما المفروضتان (ولا خوف عليهم) من مكروه يأتي في المستقبل (ولا هم يحزنون) على أمر محبوب فاتهم في الماضي.
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا) أي قوا أنفسكم من عقابه واتركوا البقايا التي بقيت لكم من الربا، وظاهره أنه أبطل من الربا ما لم يكن مقبوضاً، قال السدي: نزلت في العباس بن عبد المطلب ورجل من بني المغيرة كانا شريكين في الجاهلية يسلفان الربا إلى ناس من ثقيف في الإسلام، ولهما أموال عظيمة في الربا فأنزل الله هذه الآية. (١)
(إن كنتم مؤمنين) قيل هو شرط مجازي على جهة المقابلة، وقيل إنْ بمعنى إذ، قال ابن عطية: وهو مردود لا يعرف في اللغة، والظاهر أن المعنى إن كنتم مؤمنين على الحقيقة فإن ذلك يستلزم امتثال أوامر الله ونواهيه.
_________
(١) رواه الواحدي عن السدي بدون سند. وأخرج مسلم من حديث جابر في صفة حجة النبي ﷺ وفيه: فخطب الناس وقال: " إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا. ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث، كان مسترضعاً في بني سعد، فقتلته هذيل، وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع ربانا، ربا عباس بن عبد المطلب، فإنه موضوع كله ".


الصفحة التالية
Icon