تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ (١٠٨) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (١٠٩)
(تلك آيات الله) أي القرآن المشتمل على نعيم الأبرار وتعذيب الكفار أو التي تقدمت (نتلوها عليك) يا محمد متلبسة (بالحق) وهو العدل جملة حالية (وما الله يريد ظلماً للعالمين) جملة تذييلية مقررة لمضمون ما قبلها.
وفي توجه النفي إلى الإرادة الواقعة على النكرة دليل على أنه سبحانه لا يريد فرداً من أفراد الظلم الواقعة على فرد من أفراد العالم فضلاً أن يفعله، وفاعله محذوف أي ظلمه للعالمين، وأما ظلم بعضهم بعضاً فواقع كثيراً وكل واقع فهو بإرادته، واللام في " للعالمين " زائدة لا تعلق لها بشيء.
(ولله) وحده (ما في السموات وما في الأرض) أي مخلوقاته سبحانه يتصرف فيها كيف يشاء وعلى ما يريد، وعبر " بما " تغليباً لغير العقلاء على العقلاء لكثرتها أو لتنزيل العقلاء منزلة غيرهم إظهاراً لحقارتهم في بيان مقام عظمته تعالى.
قال المهدوي: وجه اتصال هذا بما قبله أنه لما ذكر أحوال المؤمنين والكافرين وأنه لا يريد ظلماً للعالمين، وصله بذكر اتساع قدرته وغناه عن الظلم لكون ما في السموات والأرض في قبضته، وقيل هو ابتداء كلام يتضمن البيان لعباده بأن جميع ما في السموات والأرض له ملكاً وخلقاً وعبيداً حتى يسألوه ويعبدوه ولا يعبدوا غيره.
(وإلى الله) أي إلى حكمه وقضائه لا إلى غيره لا شركة ولا استقلالاً (ترجع) أي تصير (الأمور) أي أموركم.


الصفحة التالية
Icon