فَآَتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٤٨) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (١٤٩) بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ (١٥٠)
(فآتاهم الله) بسبب ذلك الدعاء (ثواب الدنيا) من النصر والغنيمة والعزة وقهر الأعداء والثناء الجميل وغفران الذنوب والخطايا ونحوها (وحسن ثواب الآخرة) من إضافة الصفة إلى الموصوف أي ثواب الآخرة الحسن وهو نعيم الجنة، جعلنا الله تعالى من أهلها، والفضل فوق الاستحقاق (والله يحب المحسنين) الذين يفعلون ما فعل هؤلاء، وهذا تعليم من الله سبحانه لعباده المؤمنين أن يقولوا مثل هذا عند لقاء العدو، وفيه دقيقة لطيفة وهي أنهم لما اعترفوا بذنوبهم وكونهم مسيئين سماهم الله تعالى محسنين.
ثم لما أمر سبحانه بالاقتداء بمن تقدم من أنصار الأنبياء حذر عن طاعة الكفار وقال
(يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا) وهم مشركو العرب، وقيل اليهود والنصارى، وقيل المنافقون في قولهم للمؤمنين عند الهزيمة ارجعوا إلى دين آبائكم، وقيل عامة في مطاوعة الكفرة والنزول على حكمهم فإنه يستجرّ إلى موافقتهم (يردوكم على أعقابكم) أي يخرجونكم من دين الإسلام إلى الكفر (فتنقلبوا) ترجعوا (خاسرين) مغبونين فيهما أما خسران الدنيا فلان أشق الأشياء على العقلاء الانقياد إلى العدو وإظهار الحاجة إليه، وأما خسران الآخرة فالحرمان من الثواب المؤبد والوقوع في العقاب المخلد.
(بل الله مولاكم) إضراب عن مفهوم الجملة الأولى أي إن تطيعوا الكافرين يخذلوكم ولا ينصروكم بل الله ناصركم دون غيره (وهو خير الناصرين) فاستعينوا به وأطيعوه دونهم.


الصفحة التالية
Icon