الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٦٨) وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩)
(والذين قالوا لإخوانهم وقعدوا) أي قالوا لهم ذلك، والحال أن هؤلاء القائلين قد قعدوا عن القتال (لو أطاعونا) بترك الخروج من المدينة (ما قتلوا) فرد الله ذلك عليهم بقوله (قل فادرؤا عن أنفسكم الموت) الدرء الدفع أي لا ينفع الحذر عن القدر، فإن المقتول يقتل بأجله (إن كنتم صادقين) في أنكم وجدتم إلى دفع القتل سبيلاً وهو القعود عن القتال. فخذوا إلى دفع الموت طريقاً، قيل إنه مات يوم قالوا هذه المقالة سبعون منافقاً من غير قتال ومن غير خروج لإظهار كذبهم والله تعالى أعلم.
(ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون)
لما بين الله سبحانه أن ما جرى على المؤمنين يوم أحد كان امتحاناً ليتميز المؤمن من المنافق والصادق من الكاذب، بين ههنا أن من لم ينهزم وقتل فله هذه الكرامة والنعمة، وأن مثل هذا مما يتنافس فيه المتنافسون، لا مما يخاف ويحذر كما قال من حكى الله عنهم (لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا) وقالوا لو أطاعونا ما قتلوا. فهذه الجملة مستأنفة لبيان هذا المعنى والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو لكل أحد.
وقرىء بالياء التحتية أي لا يحسبن حاسب.
وقد اختلف أهل العلم في الشهداء المذكورين في هذه الآية من هم فقيل شهداء أحد وقيل شهداء بدر، وقيل شهداء بئر معونة، وعلى فرض أنها نزلت في سبب خاص فالاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.