يجوز على جنب إلا مع عدم استطاعته من قعود، وإنما يصلح هذا التقييد لمن جعل المراد بالذكر هنا الصلاة كما سبق عن ابن مسعود وغيره.
(ويتفكّرون في خلق السموات والأرض) أي في بديع صنعهما وإتقانهما مع عظم أجرامهما فإن هذا الفكر إذا كان صادقاً أوصلهم إلى الإيمان بالله سبحانه، وعن عائشة مرفوعاً: ويل لمن قرأ هذه الآية ولم يتفكر فيها، وقد وردت أحاديث وآثار عن السلف في استحباب التفكر مطلقاً.
ويقولون (ربّنا ما خلقت هذا) الخلق الذي نراه (باطلاً) أي عبثاً ولهواً بل خلقته دليلاً على حكمتك ووحدانيتك وقدرتك. والباطل الزائل الذاهب، وخلق بمعنى جعل والإشارة بقوله " هذا " إلى السموات والأرض أو إلى الخلق على أنه بمعنى المخلوق.
(سبحانك) تنزيهاً لك عما لا يليق بك من الأمور التي من جملتها أن يكون خلقك لهذه المخلوقات باطلاً وهزلاً وعبثاً، والفاء في (فقنا) لترتيب هذا الدعاء على ما قبله (عذاب النار) علم عباده كيفية الدعاء، فمن أراد أن يدعو فليقدم الثناء على الله أولاً ثم يأتي بالدعاء.
(ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته) تأكيد لما تقدمه من استدعاء الوقاية من النار منه سبحانه، وبيان للسبب الذي لأجله دعاه عباده بأن يقيهم عذاب النار، وهو أن من أدخله النار فقد أخزاه أي أذله وأهانه. وقال المفضل: معنى أخزيته أهلكته، ويقال معناه فضحته وأبعدته.
يقال أخزاه الله أبعده ومقته، والاسم الخزي، قال ابن السكيت، خزى يخزي خزياً إذا وقع في بلية، وعن أنس قال: " من تدخل النار " من تخلد، وعن سعيد بن المسيب قال هذه خاصة لمن لا يخرج منها.
(وما للظالمين) المشركين، وفيه وضع الظاهر موضع المضمر إشعاراً بتخصيص الخزي بهم (من) زائدة (أنصار) ينصرونهم يوم القيامة ويمنعونهم من العذاب.


الصفحة التالية
Icon