لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (١٩٦) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (١٩٧) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ (١٩٨)
(لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد) خطاب للنبي - ﷺ -، والمراد تثبيته على ما هو عليه كقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا آمنوا) أو خطاب لكل أحد؛ وهذه الآية متضمنة لقبح حال الكفار؛ بعد ذكر حسن حال المؤمنين، والمعنى لا يغرنك؛ ما هم فيه من تقلبهم في البلاد بالأسفار للتجارة التي يتوسعون بها في معاشهم، والتقلب في البلاد الاضطراب في الأسفار إلى الأمكنة، قال السدي: يعني ضربهم فيها وقال عكرمة تقلب ليلهم ونهارهم، وما يجري عليهم من النعم.
(متاع قليل) يتمتعون به يسيراً في هذه الدار ويفنى وهو متاع نزر لا اعتداد به بالنسبة إلى ثواب الله سبحانه، والمتاع ما يعجل الانتفاع به، وسماه قليلاً لأنه فان؛ وكل فإن وإن كان كثيراً فهو قليل.
(ثم مأواهم) أي ما يأوون إليه (جهنم وبئس المهاد) ما مهدوا لأنفسهم في جهنم بكفرهم أو ما مهد الله لهم من النار؛ فالمخصوص محذوف وهو هذا المقدر؛ قال ابن عباس: بئس المنزل.
(لكن الذين اتقوا ربهم) وقعت " لكن " هنا أحسن موقع فإنها وقعت بين ضدين وذلك أن معنى الجملتين التي قبلها والتي بعدها آيل إلى تعذيب الكفار وتنعيم المتقين، وهو استدراك مما تقدمه لأن معناه معنى النفي كأنه قال ليس لهم في تقلبهم في البلاد كثير انتفاع، لكن الذين اتقوا وإن أخذوا في التجارة لا يضرهم ذلك وإن لهم ما وعدهم به.