وإجراء الكلام على سنن الكبرياء بطريق الالتفات لإظهار كمال العناية بالأمر، وقد تقدّم تفسير الكتاب والحكمة يعني التوراة والنبوة وقد حصل في آل إبراهيم جماعة كثيرة جمعوا بين الملك والنبوة مثل داود وسليمان.
(وآتيناهم ملكاً عظيماً) فلم يشغلهم ذلك عن أمر النبوة، ومن فسر الفضل بكثرة النساء قال: الملك العظيم في حق داود وسليمان بكثرة النساء، فإنه كان لداود مائة امرأة ولسليمان ألف امرأة ثلثمائة حرة وسبعمائة سرية، ولم يكن لرسول الله - ﷺ - يومئذ إلا تسع نسوة، وقيل هو ملك سليمان واختاره ابن جرير وهو الأولى (١).
_________
(١) قال ابن جرير ٨/ ٤٧٩: وأولى التأويلين في ذلك بالصواب قول قتادة وابن جريج الذي ذكرناه قبل، أن معنى " الفصل " في هذا الموضع: النبوة التي فضل الله بها محمداً، وشرف بها العرب، إذ آتاها رجلاً منهم دون غيرهم، لما ذكرنا من أن دلالة ظاهر هذه الآية تدل على أنها تقريظ للنبي - ﷺ - وأصحابه، رحمة الله عليهم، على ما قد بينا قبل، وليس النكاح وتزويج النساء -وإن كان من فضل الله جل ثناؤه الذي آتاه عباده- بتقريظ لهم ومدح.
(فمنهم) أي من اليهود (من آمن به) أي النبي - ﷺ - كعبد الله بن سلام وأصحابه، وقيل الضمير في به راجع إلى ما ذكر من حديث آل إبراهيم، وقيل الضمير راجع إلى إبراهيم، والمعنى فمن آل إبراهيم من آمن بإبراهيم (ومنهم من صدّ) أعرض (عنه) ولم يؤمن. وقيل الضمير يرجع إلى الكتاب، والأول أولى (وكفى بجهنم سعيراً) أي ناراً مسعّرة لمن لا يؤمن. وهو إشارة لقياس طويت فيه الكبرى أي هؤلاء صدوا عنه ومن صد عنه كفى بجهنم سعيراً لهم، ينتج هؤلاء كفى بجهنم سعيراً لهم.


الصفحة التالية
Icon