إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (٩٨) فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (٩٩)
(إلا المستضعفين) الذين صدقوا في استضعافهم (من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً) استثناء من الضمير في مأواهم، وقيل هو استثناء منقطع لعدم دخول المستضعفين في الموصول وضميره، والمراد بهم من الرجال الزمناء ونحوهم، والولدان كعياش بن أبي ربيعة وسلمة بن هشام.
وإنما ذكر الولدان مع عدم التكليف لهم لقصد المبالغة في أمر الهجرة، وإبهام أنها تجب لو استطاعها غير الملكف فكيف من كان مكلفاً، وقيل أراد بالولدان المراهقين والمماليك.
والحيلة لفظ عام لأنواع أسباب التخلص، أي لا يجدون حيلة في الخروج منها لفقرهم وعجزهم، ولا طريقاً إلى ذلك، وقيل السبيل سبيل المدينة، عن ابن جريج في قوله (حيلة) قال قوة، وعن عكرمة قال نهوضاً إلى المدينة وسبيلاً أي طريقاً إليها.
(فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم) إشارة إلى المستضعفين الموصوفين بما ذكر، وجيء بكلمة الإطماع لتأكيد أمر الهجرة حتى يظن أن تركها ممن لا تجب عليه يكون ذنباً يجب طلب العفو عنه، وقال الكرخي: يعفو عن خطر الهجرة بحيث يحتاج المعذور إلى العفو، قال ابن عباس كنت أنا وأمي من المستضعفين أنا من الولدان وأمي من النساء.
(وكان الله عفواً غفوراً) مبالغاً في المغفرة لهم ما فرط منهم من الذنوب التي من جملتها القعود عن الهجرة إلى وقت الخروج.


الصفحة التالية
Icon