وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (١١١) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (١١٢)
(ومن يكسب إثماً) من الآثام بذنب يذنبه وهو إجمال بعد تفصيل (فإنّما يكسبه على نفسه) أي فعاقبته عائده عليه ولا يضر غيره، والكسب ما يجر به الإنسان إلى نفسه نفعاً أو يدفع ضرراً، ولهذا لا يسمى فعل الرب كسباً، قاله القرطبي (وكان الله عليماً) بما في قلب عبده عند إقدامه على التوبه (حكيماً) لا يعاقب بالذنب غير فاعله ويتجاوز عن التائب ويغفر له ويقبل توبته.
(ومن يكسب خطيئة أو إثماً) قيل هما بمعنى واحد كرر للتأكيد، وقال الطبري إن الخطيئة تكون عن عمد وعن غير عمد، والإثم لا يكون إلا عن عمد، وقيل الخطيئة الصغيرة، والإثم الكبيرة، وقيل الأول ذنب بينه وبين ربه والثاني ذنب في مظالم العباد، وقيل الخطيئة هي المختصة بفاعله والإثم المتعدي إلى الغير.
(ثمّ يرم به بريئاً) منه، توحيد الضمير لكون العطف بأو، أو لتغليب الإثم على الخطيئة وقيل إنه يرجع إلى الكسب (فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبيناً) لما كانت الذنوب لازمة لفاعلها كانت كالثقل الذي يحمل، ومثله (وليحملنّ أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم) والبهتان مأخوذ من البهت وهو الكذب على البرىء بما يتبهّت له ويتحير منه.
يقال بهته بهتاً وبهتاناً إذا قال عليه ما لم يقل، ويقال بهت الرجل بالكسر إذا دهش وتحير، وبهت بالضم ومنه (فبهت الذي كفر) والمبين الواضح.


الصفحة التالية
Icon