(وإن تكفروا) أي وقلنا لهم ولكم إن تكفروا وتجاحدوا ما أوصاكم به (فإنّ لله ما في السموات وما في الأرض) خلقاً وملكاً وعبيداً فلا يضره كفركم، وفائدة هذا التكرير التأكيد ليتنبه العباد على سعة ملكه وينظروا في ذلك ويعلموا أنه غني عن خلقه (وكان الله غنياً) عن جميع خلقه (حميداً) مستحمداً إليهم قاله ابن عباس، وعن علي مثله.
(ولله ما في السموات وما في الأرض) أي عبيداً وملكاً قيل تكريرها تعديد لا هو موجب تقواه لأن التقوى والخشية أصل كل خير، وقيل كلام مبتدأ سيق للمخاطبين توطئة لا بعده من الشرطية غير داخل تحت القول المحكي (وكفى بالله وكيلاً) أي حفيظاً قاله قتادة، وقال ابن عباس شهيداً على أن له فيهن عبيداً وقيل دافعاً ومجيراً.
(إن يشأ يذهبكم) أي يفنكم (أيها الناس) ويستأصلكم بالمرة، قال ابن عباس: يريد المشركين والمنافقين (ويأت) أي يوجد دفعة مكانكم (بآخرين) أي بقوم آخرين من البشر، أو خلقاً مكان الإنس غيركم هم خير منكم، وهو كقوله تعالى (وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) (وكان الله على ذلك) أي على أن يهلك من خلقه ما شاء ويأتي بآخرين من بعدهم (قديراً) لا يمتنع عليه شيء أراده ولم يزل ولا يزال موصوفاً بالقدرة على جميع الأشياء (١).
_________
(١) قال ابن كثير رحمه الله: وقوله: (إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديراً) أي: هو قادر على إذهابكم وتبديلكم بغيركم إذا عصيتموه، كما قال: (وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) [محمد: ٣٨] وقال بعض السلف: ما أهون العباد على الله إذا أضاعوا أمره.


الصفحة التالية
Icon