يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (١٧١)
(يا أهل الكتاب) قيل نزلت في النصارى وقيل فيهم وفي اليهود (لا تغلوا في دينكم) الغلوّ هو التجاوز في الحد، ومنه غلا السعر يغلو غلاء وغلا الرجل في الأمر غلواً، وغلا بالجارية لحمها وعظمها إذا أسرعت الشباب فتجاوزت لداتها، والمراد بالآية النهي لهم عن الإفراط تارة والتفريط أخرى.
فمن الإفراط غلوّ النصارى في عيسى حتى جعلوه رباً، ومن التفريط غلو اليهود فيه عليه السلام حتى جعلوه لغير رشدة، وما أحسن قول الشاعر:
ولا تغل في شيء من الأمر واقتصد | كلا طرفي قصد الأمور ذميم |
(وكلمته) أي كونه بقوله كن فكان بشراً من غير أب، وقيل كلمته بشارة الله مريم ورسالته إليها على لسان جبريل بقوله (إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه) وقيل الكلمة هاهنا بمعنى الآية ومنه (وصدّقت