فإن سلوك الناس في ذلك السبيل للوصول إلى نبي الله هو سلوك سبيل الله (١).
والضمير في (من آمن به) يرجح إلى الله أو إلى السبيل أو إلى كل صراط أو إلى شعيب (وتبغونها عوجاً) أي تطلبون سبيل الله أن تكون معوجة غير مستقيمة، وقيل معناه تلتمسون لها الزيغ والضلال ولا تستقيمون على طريق الهدى والرشاد، وقد سبق الكلام على العوج، وقال الزجاج: كسر العين في المعاني وفتحها في الأجرام.
(واذكروا) نعمته عليكم (إذ كنتم) أي عددكم أو مالكم أو قوتكم (قليلاً فكثركم) بالنسل والقوة والغناء (وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين) قبلكم من الأمم الماضية والقرون الخالية حين عتوا على ربهم وعصوا رسله فإن الله أهلكهم وأنزل بهم من العقوبات ما ذهب بهم ومحا أثرهم. وأقربهم إليكم قوم لوط فانظروا كيف أنزل الله عليهم حجارة من السماء.
_________
(١) وروى عن النبي ﷺ أنه قال: " رأيت ليلة أسري بي خشبة على الطريق لا يمر بها ثوب إلا شقته ولا شيء إلا خرقته فقلت ما هذا يا جبريل قال هذا مثل لقوم من أمتك يقعدون على الطريق فيقطعونه -ثم تلا- " (ولا تقعدوا بكل صراطٍ توعدون) الآية.
(وإن كان طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلت به) إليكم من الأحكام التي شرعها الله لكم (وطائفة) منكم (لم يؤمنوا) به (فاصبروا) أي انتظروا (حتى يحكم الله بيننا) وبينكم (وهو خير الحاكمين) أي أعدلهم، هذا من باب التهديد والوعيد الشديد لهم، وليس هو من باب الأمر بالصبر على الكفر وحكم الله بين الفريقين هو نصر المحقين على المبطلين ومثله قوله تعالى (فتربصوا إنا معكم متربصون) أو هو أمر للمؤمنين بالصبر على ما يحل بهم من أذى الكفار حتى ينصرهم الله عليهم، وقيل للفريقين وهذا هو الظاهر.