(وهم) أي حال كونهم (لا يبصرون) جملة مبتدأة لبيان عجزهم عن الإبصار بعد بيان عجزهم عن السمع وبه يتم التعليل فلا تكرار أصلاً أو جملة حالية والمراد الأصنام أي أنهم يشبهون الناظرين ولا أعين لهم يبصرون بها قيل كانوا يجعلون للأصنام أعيناً من جواهر مصنوعة فكانوا بذلك في هيئة الناظرين ولا يبصرون.
وقيل المراد بذلك المشركون أخبر الله عنهم بأنهم لا يبصرون حين لم ينتفعوا بأبصارهم وإن أبصروا بها غير ما فيه نفعهم.
(خذ العفو) لما عدد الله سبحانه من أحوال المشركين ما عدده وتسفيه رأيهم وضلال سعيهم أمر رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بأن يأخذ العفو من أخلاقهم، يقال أخذت حقي عفواً أي سهلاً. وهذا نوع من التيسير الذي كان يأمر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما ثبت في الصحيح أنه كان يقول: " يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا " (١)، والمراد بالعفو هنا ضد الجهد وقيل الفضل وما جاء بلا كلفة والعفو التساهل في كل شيء وقيل المراد خذ العفو من صدقاتهم ولا تشدد عليهم فيها وتأخذ ما يشق عليهم وكان هذا قبل نزول فريضة الزكاة، عن عبد الله بن الزبير قال: ما نزلت هذه الآية إلا في أخلاق الناس، رواه البخاري قال مجاهد: خذ العفو من أخلاق الناس وأعمالهم من غير تجسيس.
(وأمر بالعرف) أي بالمعروف وقرئ بالعرف بضمتين وهما لغتان والعرف والمعروف والعارفة كل خصلة حسنة ترتضيهما العقول وتطمئن إليها النفوس وكل ما يعرفه الشارع، وقال عطاء: وأمر بقول لا إله إلا الله والعموم أولى.
(وأعرض عن الجاهلين) أي إذا أقمت الحجه عليهم في أمرهم بالمعروف فلم يفعلوا فأعرض عنهم ولا تمارهم ولا تسافههم مكافأة لما يصدر
_________
(١) صحيح الجامع الصغير ٧٩٤٢.