ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (٥١) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ
(ذلك) إشارة إلى ما تقدم من الضرب والحريق والعذاب والقتل (بما قدمت أيديكم) أي واقع بسبب ما كسبتم من المعاصي واقترفتم من الذنوب، هذا من جملة قول الملائكة، عبر بها دون غيرها لأن أكثر الأفعال تزاول بها (وأن الله ليس بظلام للعبيد) أي والأمر انه لا يظلمهم أو ذلك العذاب بسبب المعاصي وبسبب أن الله ليس بذي ظلم لهم فيعذبهم بغير ذنب، لأنه سبحانه قد أرسل إليهم رسله وأنزل عليهم كتبه، وأوضح لهم السبيل وهداهم النجدين كما قال سبحانه: (وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) والجملة اعتراض تذييلي مقرر لمضمون ما قبلها،
(كدأب) لما ذكر سبحانه ما أنزله بأهل بدر أتبعه بما يدل على أن هذه سنته في فرق الكافرين، وأصل الدأب في اللغة إدامة العمل، يقال فلان يدأب في كذا إذا داوم عليه وأتعب نفسه فيه، ثم سميت العادة دأباً لأن الإنسان يداوم على عادته ويواظب عليها، أي دأب هؤلاء في كفرهم مثل دأب (آل فرعون والذين من قبلهم) والمعنى أنه جوزي هؤلاء كما جوزي أولئك فكانت العادة في عذاب هؤلاء كالعادة الماضية لله في تعذيب طوائف الكفر من الأمم الماضية المكذبة فيما فعلوا وفعل بهم.
(كفروا بآيات الله) مفسرة لدأب آل فرعون وبيان لفعلهم أي دأبهم هذا هو أنهم كفروا بها (فأخذهم الله بذنوبهم) هذا بيان لما فعل بهم أي فتسبب عن كفرهم أخذ الله سبحانه لهم، والراد بذنوبهم معاصيهم المترتبة على كفرهم، فالباء للملابسة أي فأخذهم متلبسين بذنوبهم غير تائبين عنها (إن الله قوي) على ما يريده (شديد العقاب) جملة معترضة مقررة لمضمون ما قبلها.


الصفحة التالية
Icon