إنما كنا نخوض ونلعب) في الحديث لنقطع به الطريق ولم نقصد ذلك، ولم يكن في شيء من أمرك ولا أمر المؤمنين.
ثم أمره الله أن يجيب عنهم فقال: (قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزِؤون) الاستفهام للتقريع والتوبيخ، وأثبت وقوع ذلك منهم ولم يعبأ بإنكارهم لأنهم كانوا كاذبين في الإنكار، بل جعلهم كالمعترفين بوقوع ذلك منهم حيث جعل المستهزأ به والياً لحرف النفي فإن ذلك إنما يكون بعد وقوع الاستهزاء وثبوته. ثم قال:
(لا تعتذروا) نهياً لهم عن الاشتغال بالاعتذارات الباطلة فإن ذلك غير مقبول منهم.
وقد نقل الواقدي عن أئمة اللغة أن معنى الاعتذار محو أثر الذنب وقطعه من قولهم اعتذر المنزل إذا درس، واعتذرت المياه إذا انقطعت (قد كفرتم) أي أظهرتم الكفر بما وقع منكم من الاستهزاء المذكور، وفيه أن محمداً يزعم أنه ترك في أصحابنا قرآناً وإنما هو قوله وكلامه، فأطلع الله نبيه ﷺ على قولهم (بعد إيمانكم) أي بعد إظهاركم الإيمان مع كونكم تبطنون الكفر.
(إن نعف عن طائفة منكم) وهم من أخلص الإيمان وترك النفاق وتاب عنه كجحش بن حمير.
قال الزجاج: الطائفة في اللغة الجماعة، قال ابن الأنباري: ويطلق لفظ الجمع على الواحد عند العرب (نعذب طائفة بأنهم) أي بسبب أنهم وكانوا مجرمين) مصرين على النفاق لم يتوبوا منه.


الصفحة التالية
Icon