وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (٧٥) فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٧٦) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ
(ومنهم من عاهد الله لئن) هي لام قسم أي والله لئن (آتانا من فضله) بأن يوسع علينا في الرزق (لنصدَّقنَّ) هي لام الجواب للقسم وحذف جواب الشرط لدلالة هذا الجواب عليه، ولا يمتنع الجمع بين القسم واللام الموطئة له، أي لنخرج من ذلك المال الصدقة وهي أعم من المفروضة وغيرها (ولنكونن من الصالحين) أي من جملة أهل الصلاح من المؤمنين القائمين بواجبات الدين التاركين لمحرماته، والصلاح ضد الفساد، والمفسد هو الذي يبخل بما يلزمه في حكم الشرع.
(فلما آتاهم من فضله بخلوا به) أي لما أعطوهم ما طلبوا من الرزق لم يتصدقوا بشيء منه كما حلفوا به (وتولوا) أي أعرضوا عن طاعة الله وإخراج صدقات ما أعطاهم الله من فضله (وهم) أي والحال أنهم (معرضون) وفي جميع الأوقات قبل أن يعطيهم الله ما أعطاهم من الرزق وبعده.
عن ابن عباس قال: ذلك أن رجلاً كان يقال له ثعلبة من الأنصار أتى مجلساً فأشهدهم فقال: لئن آتاني الله من فضله آتيت كل ذي حق حقه وتصدقت منه، وجعلت منه للقرابة، فابتلاه الله فآتاه من فضله فأخلف ما وعده فأغضب الله بما أخلف ما وعده، فقص الله شأنه في القرآن.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وغيرهم هذه القصة بأطول من هذا جداً، وفيه قال: يعني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم له -يا ثعلبة قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه، فقال ادع الله أن يرزقني مالاً، فقال اللهم ارزقه مالاً، فاتخذ غنماً فنمت كما تنمى الدود حتى ضاقت بها


الصفحة التالية
Icon