فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ (٢٩) هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٣٠)
(فكفى بالله شهيداً بيننا وبينكم) إن كنا أمرناكم بعبادتنا أو رضينا ذلك منكم (إن كنا عن عبادتكم لغافلين) القائل لهذا الكلام هم المعبودون قالوا لمن عبدهم من المشركين، والمراد بالغفلة هنا عدم الرضاء بما فعله المشركون من العبادة لهم، أو عدم علمهم بها، أو كل من الأمرين.
وفي هذا دليل على أن هؤلاء المعبودين غير الشياطين لأنهم يرضون بما فعله المشركون من عبادتهم، قال أبو السعود: هذا من كلام الأصنام كما علمت. انتهى.
قلت: ويمكن أن يكونوا من الشياطين ويحمل هذا الجحد منهم على أنهم لم يجيروهم على عبادتهم ولا أكرهوهم عليها.
(هنالك) أي في ذلك المكان الدهش أو في ذلك الموقف الدحض أو في ذلك الوقت على استعارة اسم المكان للزمان (تبلو) أي تختبر وتذوق (كل نفس) مؤمنة كانت أو كافرة، سعيدة أو شقية جزاء (ما أسلفت) من العمل وتعاينه بكنهه متتبعة لآثاره من نفع أو ضر، وخير أو شر، فمعنى تبلو تذوق وتختبر، وقيل تعلم وقيل تتبع فهو من التلو، وهذا على القراءة بالفوقية بإسناد الفعل إلى كل نفس.
وأما على القراءة بالنون فالمعنى أن الله يبتلي كل نفس ويختبرها وأنه يعاملها معاملة من يختبرها ويتفقد أحوالها، ويجوز أن يراد يصيب بالبلاء أي


الصفحة التالية
Icon