كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٣٣) قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٣٤) قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (٣٥) وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (٣٦)
(كذلك) أي كما ثبت أن الحق ليس بعده إلا الضلال أو كما حق أنهم مصروفون عن الحق كذلك (حقت كلمة ربك) أي حق حكمه وقضاؤه (على الذين فسقوا) خرجوا من الحق إلى الباطل وتمردوا في كفرهم عناداً ومكابرة، قال الزمخشري: أي مثل ذلك الحق حقت، وقال الزجاج: أي حقت عليهم هذه الكلمة ووجبت وهي (أنهم لا يؤمنون) أي عدم إيمانهم بدل كل من كل، أو المعنى لأنهم لا يؤمنون فيكون تعليلاً لحقيتها عليهم.
(قل هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده) أورد سبحانه في هذا حجة سادسة على المشركين وأمر نبيه ﷺ أن يقولها لهم وهم وإن كانوا لا يعترفون بالمعاد لكنه لما كان أمراً ظاهراً بيّناً وقد أقام الأدلة عليه في هذه السورة على صورة لا يمكن دفعها عند من أنصف ولم يكابر كان كالمسلم عندهم الذي لا جحد له ولا إنكار فيه.
والمعنى هل من هذه الأصنام والأموات التي تزعمون أنها آلهة من يقدر على أن ينشئ الخلق من العدم على غير مثال سبق ثم يعيده بعد الموت في القيامة كهيئته أول مرة للجزاء.
وهذا السؤال استفهام إنكار، وإنما لم يعطف على ما قبله إيذاناً باستقلاله في إثبات المطلوب، وعبارة أبي السعود هذا احتجاج آخر على حقية التوحيد