وبطلان الإشراك بإظهار كون شركائهم بمعزل عن استحقاق الألوهية ببيان اختصاص خواصها من بدء الخلق وإعادته به تعالى. اهـ
والحاصل أنه لا يقال إن الكفار ينكرون الإعادة والبعث فكيف يحتج عليهم بها لأن إلزام الخصم كما يصح بما يعترف به يصح أيضاً بما تبينت وثبتت حقيته لقوة برهانه، فلذا جعل الإعادة كالبدء في الإلزام لظهور برهانها وإن لم يعترفوا بها.
ولذلك أمر الرسول أن ينوب عنهم في الجواب كما قال سبحانه (قل الله يبدأ الخلق ثم يعيده) أي هو الذي يفعل ذلك لا غيره، وهذا القول الذي قاله النبي ﷺ عن أمر الله سبحانه له نيابة عن المشركين في الجواب كما تقدم، إما عن طريق التلقين لهم وتعريفهم كيف يجيبون وإرشادهم إلى ما يقولون، وإما لكون هذا المعنى قد بلغ في الوضوح إلى غاية لا يحتاج معها إلى إقرار الخصم ومعرفة ما لديه، وإما لكون المشركين لا ينطقون بما هو الصواب في هذا الجواب فراراً منهم عن أن تلزمهم الحجة أو أن يسجل عليهم بالمكابرة إن حادوا عن الحق.
(فأنى تؤفكون) أي فكيف تصرفون عن الحق وتنقلبون منه إلى غيره، والمراد التعجب من أحوالهم.
ثم أمره الله سبحانه أن يورد عليهم حجة سابعة فقال
(قل هل من شركائكم) الاستفهام هاهنا كالاستفهامات السابقة (من يهدي إلى الحق) الإستدلال بالهداية بعد الاستدلال بالخلق وقع كثيراً في القرآن كقوله (الذي خلقني فهو يهدين) وقوله (الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى) وقوله (الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى) وفعل الهداية يجيء متعدياً باللام وإلى وهما بمعنى واحد، روى ذلك عن الزجاج.
وقيل كما يعدى بإلى لتضمنه معنى الانتهاء باللام للدلالة على أن المنتهى