الأنبياء قبله، أي أنها قد بشرت به قبل نزوله فجاء مصدقاً لها، ونفس هذا
التصديق معجزة مستقلة، لأن أقاصيصه موافقة لما في الكتب المتقدمة مع أن النبي ﷺ لم يطلع على ذلك ولا تعلمه ولا سأل عنه ولا اتصل بمن له علم بذلك، وقيل المعنى ولكن تصديق النبي الذي بين يدي القرآن وهو محمد (- ﷺ -) لأنهم شاهدوه قبل أن يسمعوا منه القرآن.
(وتفصيل الكتاب) التفصيل التبيين، أي بين ما في كتب الله المتقدمة، والألف واللام في الكتاب للجنس، وقيل أراد ما بين في القرآن من الأحكام فيكون المراد بالكتاب القرآن وقيل اللوح المحفوظ (لا ريب فيه) الضمير عائد إلى القرآن وهو داخل في حكم الاستدراك وهو خبر ثالث أو حال من الكتاب أي منتفياً عنه الريب أو مستأنف أو معترض بين تصديق وبين (من رب العالمين) أي كائن منه خبر رابع أو حال ثانية أو متعلق بتصديق أو بتفصيل أو التقدير أنزل للتصديق من رب العالمين.
(أم يقولون افتراه) الاستفهام للإنكار عليهم مع تقرير ثبوت الحجة وأم هي المنقطعة التي بمعنى بل والهمزة أي بل أيقولون افتراه واختلقه. وقال أبو عبيدة: أم بمعنى الواو أي ويقولون، وقيل الميم زائدة أي أيقولون والاستفهام للتقريع والتوبيخ والإنكار والاستبعاد، أي هذا القول منهم في غاية البعد والشناعة، وقيل التقدير أيقرون به أم يقولون.
ثم أمره الله سبحانه أن يتحداهم حتى يظهر عجزهم ويتبين ضعفهم فقال (قل) تبكيتاً لهم وإظهاراً لبطلان مقالتهم الفاسدة (فأتوا) أي إن كان الأمر كما تزعمون من أن محمداً افتراه فأتوا أنتم على جهة الافتراء (بسورة مثله) في البلاغة وجودة الصناعة فأنتم مثله في معرفة لغة العرب وفصاحة الألسن، وحسن النظم وبلاغة الكلام، والمراد مثل هذه السورة لأنها أقرب ما يمكن أن يشار إليه، هكذا قال الرازي وهي مكية والأولى التناول لجميع السور، فإنهم