وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (٤١) وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ (٤٢) وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ (٤٣)
(وإن كذبوك فقل) أمر الله سبحانه رسوله ﷺ بأن يقول لهم إن أصروا على تكذيبه واستمروا عليه (لي) جزاء (عملي ولكم عملكم) أي جزاؤه فقد أبلغت إليكم ما أمرت بإبلاغه وليس علي غير ذلك، ثم أكد بقوله (أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون) أي لا تؤاخذون بعملي ولا أوخذ بعملكم، وفيه توكيد لما أفادته لام الاختصاص من عدم تعدي أجر العمل إلى غير عامله.
وقد قيل أن هذا منسوخ بآية السيف لما فيه من إيهام الإعراض عنهم وتخلية سبيلهم كما ذهب إليه جماعة من المفسرين منهم مقاتل والكلبي، وعن ابن زيد قال: أمره الله بهذا ثم نسخه فأمره بجهادهم.
قال الرازي: وهو بعيد لأن شرط الناسخ أن يكون رافعاً لحكم المنسوخ، ومدلول الآية اختصاص كل واحد بأفعاله وبثمرات أفعاله من الثواب والعقاب وآية القتال ما رفعت شيئاً من مدلولات هذه الآية، بل هو باق فكان القول بالنسخ باطلاً.
(ومنهم من يستمعون إليك) بين الله سبحانه في هذا إن في أولئك الكفار من بلغت حاله، في النفرة والعداوة إلى هذا الحد وهي أنهم يستمعون إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا قرأ القرآن وعلم الشرائع في الظاهر ولكنهم لا يسمعون في الحقيقة لعدم حصول أثر السماع وهو حصول القبول والعمل بما يسمعونه، وجمع الضمير في يستمعون حملاً على معنى من وأفرده في ومنهم من ينظر حملاً على لفظه، قيل والنكتة كثرة المستمعين بالنسبة إلى الناظرين لان


الصفحة التالية
Icon