وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ (٦٠) وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (٦١)
ثم قال
(وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة) أي أيُّ شيء ظنهم في هذا اليوم وما يصنع بهم فيه، أي لا ينبغي هذا الحسبان ولا صحة له بوجه من الوجوه، وهذه الجملة الاستفهامية المتضمنة لتعظيم الوعيد لهم غير داخلة تحت القول الذي أمر الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم أن يقوله لهم بل مبتدأة مسوقة لبيان ما سيحل بهم من عذاب الله، وذكر الكذب بعد الافتراء مع إن الافتراء لا يكون إلا كذباً لزيادة التأكيد.
(إن الله لذو فضل على الناس) يتفضل عليهم بأنواع النعيم في الدنيا والآخرة ومنه بعثة الرسل وإنزال الكتب لبيان الحلال والحرام وإبقاء الكتاب والسنة إلى آخر الدهر والزمان (ولكن أكثرهم لا يشكرون) الله على نعمه الواصلة إليهم منه سبحانه في كل وقت من الأوقات وطرفة من الطرفات، ولا يصرفون مشاعرهم إلى ما خلقت له.
(وما تكون في شأن) الخطاب لرسول الله ﷺ وما نافية والشأن الأمر بمعنى القصد وجمعه شئون، قال الأخفش: تقول العرب ما شأنت شأنه أي ما عملت عمله، وما قصدت قصده فهو مصدر بمعنى المفعول.
(وما تتلو منه من قرآن) قال الفراء والزجاج: الضمير يعود على الشأن والجار والمجرور صفة لمصدر محذوف أي تلاوة كائنة منه، إذ التلاوة للقرآن من أعظم شؤونه صلى الله عليه وسلم، والمعنى أنه يتلو من أجل الشأن الذي حدث القرآن فيعلم كيف حكمه أو يتلو القرآن الذي ينزل في ذلك الشأن، وقال ابن


الصفحة التالية
Icon