وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ (٩٠) قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ (٩١)
ثم بعد ترهيبهم بالعذاب أمرهم بالاستغفار والتوبة فقال
(واستغفروا ربكم) من عبادة الأوثان (ثم توبوا إليه) من البخس والنقصان في المكيال والميزان وقد تقدم تفسير الاستغفار مع ترتيب التوبة عليه في أول السورة (إن ربي رحيم) بالمؤمنين (ودود) للتائبين، وتقدم تفسير الرحيم والمراد هنا أنه عظيم الرحمة، والودود المحب صيغة مبالغة من ود الشيء يود وداً ووداد أو ودادة أي أحبه وآثره.
قال في الصحاح: وددت الرجل أوده وداً إذا أحببته والود المحبة والمشهور وددت بكسر العين وسمع بفتحها والودود بمعنى فاعل أى يود عباده ويرحمهم، وقيل بمعنى مفعول بمعنى أن عباده يحبونه ويوادون أولياءه فهم بمنزلة المواد مجازاً، والأول أولى، والمعنى هنا أنه يفعل بعباده فعل من هو بليغ المودة بمن يوده من اللطف به وسوق الخير إليه ودفع الشر عنه وفي هذا تعليل لما قبله من الأمر بالاستغفار والتوبة.
وجملة
(قالوا يا شعيب ما نفقه كثيراً مما تقول) مستأنفة كالجمل السابقة والمعنى أنك تأتينا بما لا عهد لنا به من الإخبار بالأمور الغيبية كالبعث والنشور ولا نفهم ذلك كما نفهم الأمور الحاضرة المشاهدة فيكون نفي الفقه على هذا حقيقة لا مجازاً.
وقيل قالوا ذلك إعراضاً عن سماعه وإيذاناً بقلة المبالاة به واحتقاراً لكلامه مع كونه مفهوماً لديهم معلوماً عندهم، فلا يكون نفي الفقه حقيقة بل مجازاً، يقال فقه يفقه إذا فهم فقهاً وفقهاً وحكى الكسائي فقهاناً ويقال فقه فقهاً إذا صار فقيهاً.


الصفحة التالية
Icon