وسعة الرزق، وآثروا ذلك على الاشتغال بأعمال الآخرة واستغرقوا بأعمارهم في الشهوات النفسانية.
وقبل المراد بالذين ظلموا، تاركوا النهي ورد بأنه يستلزم خروج مباشري الفساد عن الذين ظلموا وهم أشد ظلماً ممن لم يباشر وكان ذنبه ترك النهي وقرئ واتبع على البناء للمفعول ومعناه اتبعوا جزاء ما أترفوا فيه، قال مجاهد: واتبع الذين ظلموا أي في ملكهم وتجبرهم وتركهم للحق، وقال ابن عباس: أترفوا وأبطروا.
وجملة (وكانوا مجرمين) متضمنة لبيان سبب إهلاكهم أي وكان هؤلاء الذين اتبعوا ما أترفوا فيه مجرمين كافرين والإجرام الآثام والمعنى أنهم أهل إجرام بسبب اتباعهم للشهوات واشتغالهم بها عن الأمور التي يحق الاشتغال بها ويجوز أن تكون معطوفة على واتبع الذين أي اتبعوا شهواتهم وكانوا بسبب ذلك الاتباع مجرمين.
(وما كان ربك ليهلك القرى) أي ما صح ولا استقام بل استحال في الحكمة أن يهلك القرى التي أهلكها حسب ما بلغك انباؤها ويعلم من ذلك حال باقيها من القرى الظالمة واللام لتأكيد النفي (بظلم) أي متلبساً به قيل هو حال من الفاعل أي ظالماً لها والتنكير للتفخيم والإيذان بأن إهلاك المصلحين ظلم عظيم والمراد تنزيه الله تعالى عن ذلك بالكلية بتصويره بصورة ما يستحيل صدوره عنه تعالى وإلا فلا ظلم فيما فعله الله تعالى بعباده كائناً ما كان لما تقرر من قاعدة أهل السنة.
قال الزجاج: يجوز أن يكون المعنى وما كان ربك ليهلك أحداً وهو يظلمه وإن كان على نهاية الصلاح لأن تصرفه في ملكه دليله قوله تعالى (إن الله لا يظلم الناس شيئاً) وقوله: وإن الله ليس بظلام للعبيد (وأهلها