إرساله معنا (كيل) حمل (بعير) زائد على ما جئنا به هذه المرة لأنه كان يكال لكل رجل ومرّ بعير قال مجاهد حمل حمار وهي لغة، قال أبو عبيدة: يعني أن الحمار يقال له في بعض اللغات بعير.
(ذلك) أي زيادة كيل بعير لاخينا (كيل يسير) يسهل على الملك ولا يمتنع علينا من زيادته له لكونه يسيراً لا يتعاظمه ولا يضايقنا فيه، وقيل أن المعنى ذلك المكيل لأجلنا قليل نريد أن ينضاف إليه حمل بعير لأخينا، واختار الزجاج الأول، وقيل أن هذا من كلام يعقوب جواباً على ما نزله أولاده (ونزداد كيل بعير) يعني إن حمل بعير شيء يسير لا يخاطر لأجله بالولد وهو ضعيف لأن جواب يعقوب هو:
(قال لن أرسله معكم حتى تؤتون) أي تعطوني (موثقاً) ما أثق به وأركن إليه (من) جهة (الله) سبحانه وهو الحلف به والموثق العهد المؤكد باليمين، وقيل هو المؤكد بإشهاد الله عليه، واللام في (لتأتنني به) جواب القسم أي تحلفو بالله لتردن بنيامين أي لتأتُنَّني به، والاستثناء بقوله (إلا أن يحاط بكم) مفرغ من أعم الأحوال لأن لتأتنني به وإن كان كلاماً مثبتاً فهو في معنى النفي فكأنه قال: لا تمنعون من إتياني به على حال إلا حال الإحاطة بكم أو من أعم العلل أي لعلة من العلل إلا لعلة الإحاطة بكم، والإحاطة مأخوذة من أحاطه العدو ومن أحاط به العدو فقد غلب أو هلك.
تقول العرب: أحيط بفلان إذا هلك أو قارب هلاكه، فأخذ يعقوب عليهم العهد بأن يأتوه ببنْيامين إلا أن يغلبوا عليه أو يهلكوا دونه جميعاً فيكون ذلك عذراً لهم عنده.
(فلما آتوه موثقهم) أي أعطوه ما طلبه منهم من اليمين والعهد (قال: الله على ما نقول وكيل) أي قال يعقوب: الله على ما قلناه من طلبي الموثق منكم وإعطائكم لي ما طلبته منكم مطلع رقيب لا يخفى عليه منه خافية فهو المعاقب لمن خاس في عهده وفجر في الحلف به، أو موكول إليه القيام بما شهد عليه منا.