الأوقات التي قضى الله بوقوع أمر فيها كتاب الله يكتبه على عباده ويحكم به فيهم، وقال الفراء: فيه تقديم وتأخير، والمعنى لكل كتاب أجل أي لكل أمر كتبه الله أجل مؤجل ووقت معلوم كقوله سبحانه (لكل نبأ مستقر) وليس الأمر على إرادة الكفار واقتراحاتهم بل على حسب ما يشاؤه الله ويختاره، وفيه رد لاستعجالهم الآجال والأعمار وإتيان المعجزات والعذاب، فقد كان يخوفهم بذلك فاستعجلوه عناداً فرد الله عليهم ذلك.
والمراد بالأجل هنا أزمنة الموجودات فلكل موجود زمان يوجد فيه محدود لا يزاد عليه ولا ينقص، والمراد بالكتاب صحف الملائكة التي تنسخها من اللوح المحفوظ أو اللوح نفسه.
(يمحو الله ما يشاء ويثبت) أي يمحو من ذلك الكتاب ويثبت ما يشاء منه يقال محوت الكتاب محواً إذا أذهبت أثره، قرئ مخففاً ومشدداً وعن مجاهد قال: قالت قريش حين أنزل هذه الآية ما نراك يا محمد تملك من شيء ولقد فرغ الأمر فأنزلت هذه الآية تخويفاً لهم ووعيداً لهم أي إنا إن شئنا أحدثنا له من أمرنا ما شئنا ويحدث الله في كل رمضان فيمحو ما يشاء ويثبت من أرزاق الناس ومصائبهم ما يعطيهم وما يقسم لهم.
وقال ابن عباس: ينزل الله في كل شهر رمضان إلى سماء الدنيا فيدبر أمر السنة إلى السنة فيمحو ما يشاء ويثبت إلا الشقاوة والسعادة والحياة والموت، وعنه قال: هو الرجل يعمل الزمان بطاعة الله ثم يعود لمعصية الله فيموت على ضلالة فهو الذي يمحو، والذي يثبت الرجل يعمل بمعصية الله، وقد سبق له خير حتى يموت على طاعة الله وقال أيضاً: هما كتابان يمح الله ما يشاء من أحدهما ويثبت.
وظاهر النظم القرآني العموم في كل شيء مما في الكتاب فيمحو ما يشاء محوه من شقاوة أو سعادة أو رزق أو عمر أو خير أو شر ويبدل هذا بهذا ويجعل هذا مكان هذا، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، وإلى هذا ذهب عمر بن


الصفحة التالية
Icon