وإزالة الظلمة لأن الشمس سلطان النهار، وبها يعرف فصول السنة، والقمر سلطان الليل وبه يعرف انقضاء الشهور، وكل ذلك بتسخير الله عز وجل وإنعامه على عباده، وقيل دائبين في السير امتثالاً لأمر الله.
قال ابن عباس: دؤبهما في طاعة الله، والمعنى يجريان إلى يوم القيامة ولا يفتران ولا ينقطع سيرهما في فلكهما، وهو السماء الرابعة للشمس، وسماء الدنيا للقمر إلى آخر الدهر، وهو انقضاء عمر الدنيا وذهابها (وسخر لكم الليل والنهار) يتعاقبان، فالنهار لسعيكم في أمور معاشكم وما تحتاجون إليه من أمور دنياكم، والليل لتسكنوا فيه كما قال سبحانه (ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله) ولم يقتصر على النعم المتقدمة بل.
(وآتاكم من كل) نوع وصنف (ما سألتموه) قال الأخفش: أي أعطاكم من المنافع والمرادات ما لا يأتي على بعضها العد والحصر، وقيل المعنى من كل ما سألتم ومن كل ما لم تسألوه قاله ابن الأنباري: لأن نعمه علينا أكثر من أن تحصى؛ وقيل من زائدة وبه قال الأخفش، أي آتاكم كل ما سألتموه، وقيل للتبعيض أي بعض ما سألتموه، وهو رأي سيبويه.
قال عكرمة: أي من كل شيء رغبتم إليه فيه، وعن مجاهد مثله، وعن الحسن من كل الذي سألتموه، وقرئ (من كل) بتنوين، وعلى هذا ما نافية حرفية، أي آتاكم من جميع ذلك حال كونكم غير سائلين له، أو مصدرية أو موصولة اسمية.
(وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) أي وإن تتعرضوا لتعداد النعم التي أنعم الله تعالى بها عليكم إجمالاً فضلاً عن التفصيل لا تطيقوا إحصاءها بوجه من الوجوه ولا تقوموا بحصرها على حال من الأحوال.
وفي السمين: النعمة هنا بمعنى النعم به، وأصل الإحصاء أن الحاسب إذا بلغ عقداً معيناً من عقود الأعداد وضع حصاة ليحفظه بها.


الصفحة التالية
Icon