وقيل المراد قوم صالح تقاسموا على قتله فسموا مقتسمين كما قال تعالى (تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله).
قلت: وفي هذا الوجه قرب من حيث المقاسمة وبعد من حيث وصفهم بجعلهم القرآن عضين، وأما الأوجه الآخرة فهي مستقيمة، وقيل تقاسموا أيماناً تحالفوا عليها قاله الأخفش، وقيل أنهم العاص بن وائل وعتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو جهل بن هشام وأبو البختري والنضر بن الحرث وأمية بن خلف وشيبة بن الحجاج؛ ذكره الماوردي.
(الذين جعلوا القرآن عضين) جمع عضة وأصلها عضوة فعلة من عضى الشاة إذا جعلها أعضاء وأجزاء فيكون المعنى على هذا: الذين جعلوه أجزاء متفرقة بعضه شعر وبعضه سحر وبعضه كهانة ونحو ذلك، وقيل مأخوذ من عضهته إذا بهته فالمحذوف منه الهاء لا الواو، وجمعت العضة على المعنيين جمع العقلاء، وقيل معنى عضين إيمانهم ببعض الكتاب وكفرهم ببعض، وقيل العضة والعضين في لغة قريش السحر وهم يقولون للساحر عاضه وللساحرة عاضهة.
وفي الحديث أن رسول الله ﷺ لعن العاضهة والمستعضهة وفسر بالساحرة والمستسحرة، والمعنى أنهم أكثروا البهت على القرآن وسموه سحراً وكذباً وأساطير الأولين، ونظير عضة في النقصان شفة والأصل شفهة وكذلك سنة أصلها سنهة، قال الكسائي: العضة الكذب والبهتان، وجمعها عضون وقال الفراء: أنه مأخوذ من العضاة وهي شجرة تؤذي وتجرح كالشوك، ويجوز أن يراد بالقرآن التوراة والإنجيل لكونهما مما يقرأ ويراد بالمقتسمين هم اليهود والنصارى، أي جعلوهما أجزاء متفرقة وهو أحد الأقوال المتقدمة.


الصفحة التالية
Icon