يشاء من الشرائع عند انقضاء الأجل، ويثبت ما يشاء. وفي الآية أقوال أُخرى١، والله أعلم بالصواب٢.

١ انظر هذه الأقوال في المراجع التي ذُكرت عند القولين السابقين. ومع قوة ما ذكر المؤلف، فهناك قول جدير بأن تحمل هذه الآية المشكلة عليه، فهمته من كلام شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (١٤/٤٩١)، وقاله الثعالبي في الجواهر الحسان (٢/٣٧١)، وحاصله: أن الله سبحانه وتعالى يمحو من الأمور ما يشاء، ويغيرها عن أحوالها مما سبق في علمه محوه وتغييره، ويثبتها في الحالة التي ينقلها إليها حسب ما سبق في علمه. وهذا القول يدل له ما جاء في الحديث أن الله تعالى جعل عمر داود عليه السلام ستين سنة، فوهب له آدم عليه السلام من عمره أربعين سنة. والحديث أخرجه الأمام الترمذي في جامعه برقم (٣٠٧٦) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
٢ شرح العقيدة الطحاوية، ص (١٣١، ١٣٢).

سورة النحل
... قال تعالى: ﴿لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى﴾ ٣
... اختلفت عبارات المفسرين في المثل الأعلى٤. ووفق بين أقوالهم بعض من وفقه الله وهداه، فقال: المثل الأعلى يتضمن الصفة العُليا، وعلم العالمين بها،
٣ سورة النحل، الآية: ٦٠.
٤ فقيل: شهادة أن لا إله إلا الله. وقيل: أي الصفة العليا بأنه خالق رازق قادر ومجازٍ. وقيل: ليس كمثله شيء. وقيل المثل الأعلى نحو قوله: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ﴾. وقيل: الصفة العليا المقدسة وهي أن له التوحيد، وأنه المنزه عن الولد، وأنه لا إله إلا هو، وأن له جميع صفات الجلال والكمال من العلم والقدرة والبقاء. انظر جامع البيان (١٧/٢٣٠)، ومعاني القرآن الكريم (٤/٧٧)، والنكت والعيون (٣/١٩٥)، والوسيط (٣/٦٨)، وتفسير القرآن للسمعاني (٣/١٨١)، ومعالم التنزيل (٣/٧٣)، والجامع لأحكام القرآن (١٠/١١٩)، ولباب التأويل (٣/٩٧)، وليس كل هؤلاء ذكروا جميع الأقوال، بل بعضهم ذكر واحداً، وبعضهم ذكر أكثر.


الصفحة التالية
Icon