زعمهم الباطل، والفائدة في نفي الاستطاعة عنهم أن من لا يملك شيئاً قد يكون موصوفاً بإستطاعة التماك بطريق من الطرق، فبيّنَ سبحانه أنه لا يملك ولا يستطيع وقيل الضمير للكفار والمعنى لا يستطيع هؤلاء الكفار مع كونهم أحياء متصرفين فكيف بالجمادات التي لا حياة لها ولا تستطيع التصرف.
ثم نهاهم سبحانه عن أن يشبهوه بخلقه فقال
(فلا تضربوا لله الأمثال) فإنه أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، قاله قتادة، فإن ضارب المثل يشبه حالاً بحال وقصة بقصة.
قال الزجاج: لا تجعلوا لله مثلاً فإنه واحد لا مثيل له، وكانوا يقولون إن إله العالم أجلَّ من أن يعبده الواحد منا فكانوا يتوسلون إلى الأصنام والكواكب كما أن أصاغر الناس يخدمون أكابر حضرة الملك، وأولئك الأكابر يخدمون الملك فنهوا عن ذلك وعلَّل النهي بقوله (إن الله) علم (يعلم) ما عليكم من العبادة (وأنتم لا تعلمون) ما في عبادتها من سوء العاقبة والتعرض لعذاب الله سبحانه أو أنه تعالى يعلم كنه الأشياء وأنتم لا تعلمون فدعوا رأيكم دون نصه.
ويجوز أن يراد فلا تضربوا لله الأمثال فإنه يعلم كيف تضرب الأمثال وأنتم لا تعلمون، أو أنتم لا تعلمون بشيء من ذلك، وفعلكم هذا هو عن توهم فاسد وخاطر باطل وخيال مختل.
وعن ابن عباس قال: يعني اتخاذهم الأصنام، يقول لا تجعلوا معي إلهاً غيري فإنه لا إله غيري، ثم علمهم كيفية ضرب الأمثال في هذا الباب فقال:
(ضرب الله مثلاً) أي ذكر شيئاً يستدل به على تباين الحال بين جناب الخالق سبحانه وبيَّن ما جعلوه شريكاً له من الأصنام، والمثل في الحقيقة هي حالة للعبد عارضة له وهي المملوكية والعجز عن التصرف، فقوله (عبداً) تفسير للمثل وبدل منه ووصفه بكونه (مملوكاً) لأن العبد والحر مشتركان في


الصفحة التالية
Icon