الخير مطلوب العباد من ربهم دون الشر أو لتقدم وقاية البرد في قوله لكم فيها دفء.
(وسرابيل تقيكم بأسكم) وهي الدروع والجواشن وسائر ما يلبس في الحرب من السلاح تتقون بها الطعن والضرب والرمي والمعنى أنها تقيكم البأس الذي يصل من بعضكم إلى بعض في الحرب (كذلك) الإتمام البالغ (يتم نعمته عليكم) فإنه سبحانه قد منَّ على عباده بصنوف النعم المذكورة هنا وبغيرها وهو بفضله وإحسانه سيتم نعمة الدين والدنيا (لعلكم تسلمون) أي إرادة أن تسلموا فإن من أمعن النظر في هذه النعم لم يسعه إلا الإسلام والانقياد للحق.
وقرأ ابن عباس وعكرمة من السلامة من الجراح، وقرأ الباقون من الإسلام قال أبو عبيد: والاختيار قراءة العامة لأن ما أنعم الله به علينا من الإسلام أفضل مما أنعم به من السلامة من الجراح، وقيل الخطاب لأهل مكة أي لعلكم يا أهل مكة تخلصون لله الربوبية والحمل على العموم أولى وأفرد النعمة هنا لأن المراد بها المصدر.
(فإن تولوا) أي أعرضوا عن الإسلام ولم يقبلوا ما جئت به فقد تمهد عذرك وفيه التفات وجواب الشرط محذوف أي فلا لوم عليك وهذا تسلية له ﷺ والتعبير بالتولي إشارة إلى أن الأصل فطرة الإسلام وخلافها عارض متجدد والمعنى أن داموا على التولي لظهور توليهم.
(فإنما عليك البلاغ) لما أرسلت به إليهم وقد فعلت ذلك بهم (المبين) أي الواضح وليس عليك غير ذلك وصرف الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تسلية له، وهذا قبل الأمر بالقتال فتكون الآية منسوخة الحكم وهو لا يظهر إلا لو قدر جواب الشرط فأعرض عنهم ولا تقاتلهم مع أن أكثر المفسرين قدروه بقولهم فلا عتب عليك ولا مؤاخذة في عدم إيمانهم لأنك بلغت ما أمرت بتبليغه وهدايتهم من الله لا إليك، وهذا لا ينافي أن يكون مأموراً بقتالهم.