يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (١١١) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (١١٢) وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (١١٣)
وأما إذا كان سبب الآية هو هذا عبد الله بن أبي سرح الذي ارتد عن الإسلام ثم رجع بعد ذلك إليه، فالمعنى أن هذا المفتون في دينه بالردة إذا أسلم وجاهد وصبر فالله غفور له رحيم به.
(يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها) أي تخاصم وتسعى في خلاصها، وقد استشكل إضافة ضمير النفس إلى النفس ولا بد من التغاير بين المضاف والمضاف إليه.
وأجيب بأن المراد بالنفس الأولى جملة بدن الإنسان وبالنفس الثانية الذات فكأنه قيل يوم يأتي كل إنسان يجادل عن ذاته لا يهمه غيرها بل يقول نفسي نفسي ومعنى المجادلة عنها الاعتذار بما لا يقبل منه كقوله (والله ربنا ما كنا مشركين) ونحو ذلك من المعاذير الكاذبة فهو مجادل ومخاصم عن نفسه لا يتفرغ لغيرها يوم القيامة.
(وتوفى كل نفس) جزاء (ما عملت) في الدنيا من خير أو شر (وهم لا يظلمون) من جزاء أعمالهم بل يوفون ذلك كاملاً من غير زيادة أو نقصان
(وضرب الله مثلاً قرية) قد قدمنا أن ضرب مضمن معنى جعل ولذا عُدِّيَ إلى مفعولين قد اختلف المفسرون هل المراد بهذا القرية قرية معينة أو المراد قرية غير معينة. قال الزمخشري: بل كل قوم أنعم الله عليهم فأبطرتهم النعمة فكفروا وتولوا فأنزل الله بهم نقمته، ونحوه في البيضاوي.