سورة القصص
[قوله تعالى:] ﴿فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الأَيْمَنِ﴾ ١ النداء هو الكلام من بعد، فسمع موسى عليه السلام النداء من حافة الوادي، ثم قال: ﴿فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ﴾ أي: أن النداء كان في البقعة المباركة من عند الشجرة٢، كما تقول: سمعت كلام زيد من البيت، يكون (من البيت) لابتداء الغاية٣، لا أن البيت هو المتكلم، ولو كان الكلام مخلوقاً في الشجرة٤ لكانت الشجرة هي القائلة: ﴿يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ ٥.
قوله تعالى: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاّ وَجْهَه﴾ ٦ فمن كلامهم أن المراد كل شيء مما كتب الله عليه الفناء والهلاك هالك٧، والجنة والنار خلقتا للبقاء

١ سورة القصص، الآية: ٣٠.
٢ أخرج هذا التفسير ابن جرير في جامع البيان (١٩/٥٧٣) عن قتادة بإسناد صحيح. وجعله الواحدي في الوسيط (٣/٣٩٨) أحد الاحتمالين.
٣ ذكره الألوسي وجهاً. انظر روح المعاني (٢٠/٧٣).
٤ كما تقول المعتزلة. انظر متشابه القرآن لعبد الجبار، ص (٥٤٥)، ونسب هذا القول إليهم ـ أيضاً السمعاني في تفسير القرآن (٤/١٣٧)، وهو في التفسير الكبير (٢٤/٢٠٩) منسوب إليهم. والعجب كل العجب كيف تورط الماوردي في هذا القول الباطل. انظر النكت والعيون (٤/٢٥١). وهذا مما دعا ابن الصلاح إلى اتهام الماوردي بالاعتزال. انظر سير أعلام النبلاء (١٨/٦٧).
٥ شرح العقيدة الطحاوية، ص (١٨٢، ١٨٣).
٦ سورة القصص، الآية: ٨٨.
٧ نحو هذا في التفسير الكبير (٢٥/٢٠)، وفي غرائب القرآن للنيسابوري (٢٠/٧٣)، وروح المعاني (٢٠/١٣١).


الصفحة التالية
Icon