سورة سبأ
قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ كَافَّةً لِلنَّاسِ﴾ ١ لم تستعمل (كافة) في كلام العرب إلا حالاً، واختلفوا في إعرابها في قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ كَافَّةً لِلنَّاسِ﴾ على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها حال من الكاف في أرسلناك وهي اسم فاعل، والتاء فيها للمبالغة، أي: إلا كافاً للناس عن الباطل، وقيل: هي مصدر (كفَّ) فهي بمعنى كفّاً، أي: إلا أن تكفَّ الناس كفّاً، ووقوع المصدر حالاً كثير.
الثاني: أنها حال من الناس، واعتُرض بأن حال المجرور لا يتقدم عليه عند الجمهور، وأُجيب بأنه قد جاء عن العرب كثيراً، فوجب قبوله، وهو اختيار ابن مالك رحمه الله، أي: وما أرسلناك إلا للناس كافة.
الثالث: أنها صفة لمصدر محذوف، أي: رسالة كافة، واعتُرض بما تقدم أنها لم تستعمل إلا حالاً٢.

١ سورة سبأ، الآية: ٢٨.
٢ شرح العقيدة الطحاوية، ص (١٧٠-١٧٢) وهذه الأوجه التي ذكرها المؤلف أوردها السمين كلها في الدر المصون (٩/١٨٥-١٨٨) ونقل جواب العلماء فيما اعتُرض به على بعضها. وفي نظري أن ثاني هذه الأقوال المذكورة هو أقواها؛ لأن الآية عليه أظهر في الاستدلال على عموم رسالته صلى الله عليه وسلم، وهي في ذلك كقوله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً﴾. انظر روح المعاني (٢٢/١٤٣).

سورة فاطر
قوله تعالى: ﴿وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاّ فِي كِتَابٍ﴾ ٣ قيل في الضمير المذكور في قوله تعالى: ﴿مِنْ عُمُرِه﴾ إنه بمنزلة قولهم: عندي درهم ونصفه، أي: ونصف درهم آخر، فيكون المعنى: ولا يُنقص من
٣ سورة فاطر، الآية: ١١.


الصفحة التالية
Icon