التجدد والاستمرار (فما يزيدهم) التخويف (ألا طغياناً) متجاوزاً للحد متمادياً غاية التمادي (كبيراً) فما يفيدهم إرسال الآيات إلا الزيادة في الكفر؛ فعند ذلك نفعل بهم ما فعلناه بمن قبلهم من الكفار وهو عذاب الاستئصال ولكنا قد قضينا بتأخير العقوبة.
ولما ذكر سبحانه أن الرسول ﷺ كان في بلية عظيمة من قومه ومحنة شديدة أراد أن يبين أن جميع الأنبياء على نبينا وعليهم الصلاة والسلام كانوا كذلك حتى إن هذه عادة قديمة سنها إبليس اللعين مع أول الأنبياء، وأيضاً لما ذكر أن الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته. ويخافون عذابه، ذكر هاهنا ما يحقق ذلك فقال:
(وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم) هذه القصة قد ذكرها الله سبحانه في سبعة مواضع: في البقرة والأعراف والحجر وهذه السورة والكهف وطه وص وقد تقدم تفسيرها مبسوطاً.
(فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طيناً) نصب بنزع الخافض، أي من طين كما صرح به في الآية الأخرى (وخلقته من طين) وذلك أن آدم خلق من تراب الأرض؛ من عذبها وملحها، فمن خلق من العذب فهو سعيد ومن خلق من الملح فهو شقي.
وقال الزجاج: منصوب على الحال أو التمييز وتبعه فيه ابن عطية، ولا يظهر ذلك إذ لم يتقدم إبهام ذات ولا نسبة.


الصفحة التالية
Icon