(سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا) أي سن الله سنة، قال الفراء: أي يعذبون كسنة من قد أرسلنا، وقيل المعنى سنتنا سنة من قد أرسلنا، وقيل اتبع أنت سنة من، وقال الزجاج: يقول إن سنتنا هذه السنة فيمن أرسلنا قبلك إليهم أنهم إذا أخرجوا نبيهم من بين أظهرهم أو قتلوه أن ينزل العذاب بهم (ولا تجد لسنتنا تحويلاً) أي ما أجرى الله به العادة لم يتمكن من تحويله ولا يقدر على تغييره.
ولما ذكر سبحانه الإلهيات والمعاد والجزاء أردفها بذكر أشرف الطاعات وهي الصلاة فقال
(أقم الصلاة لدلوك الشمس) أجمع المفسرون على أن المراد بها الصلوات المفروضة، وقد اختلف العلماء في الدلوك على قولين: أحدهما: أنه زوال الشمس عن كبد السماء قاله عمر وابنه وأبو هريرة وابن عباس وجابر والحسن والشعبي وعطاء ومجاهد وقتادة والضحاك وأبو جعفر الباقر وأكثر التابعين واختاره ابن جرير.
والقول الثاني: أنه غروب الشمس قاله عليّ وابن مسعود وأبي بن كعب، وروي عن ابن عباس؛ وبه قال النخعي ومقاتل والسدي، قال الفراء: دلوك الشمس من لدن زوالها إلى غروبها، قال الأزهري: معنى الدلوك في كلام العرب الزوال ولذلك قيل للشمس إذا زالت نصف النهار دالكة وقيل لها إذا أفلت دالكة لأنها في الحالتين زائلة قال: والقول عندي أنه زوالها نصف النهار لتكون الآية جامعة للصلوات الخمس.
وأصل هذه المادة أي ما تركب من الدال واللام والكاف يدل على التحول والانتقال ومنه الدلك فإن الدلاك لا تستقر يده ومنه دلوك الشمس ففي الزوال انتقال من وسط السماء إلى ما يليه وكذا كل ما تركب من الدال واللام بقطع النظر عن آخره يدل على ذلك كدلج بالجيم من الدلجة وهي سير الليل والانتقال فيه من مكان إلى مكان آخر ودلح بالحاء المهملة إذا مشى مشياً


الصفحة التالية
Icon