سورة غافر
قوله تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ ١قد فُسِّر قوله: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ بالدعاء الذي هو العبادة، والدعاء الذي هو الطلب٢، وقول-هـ بعد ذلك: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي﴾ يؤيد المعنى الأول٣.
قوله تعالى: ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ ٤ الباء باء السبب٥، أي: بسبب عملكم، والله تعالى هو خالق الأسباب والمسببات، فرجع الكل إلى محض فضل الله ورحمته٦.

١ سورة غافر، الآية: ٦٠.
٢ ذكر القولين طائفة من المفسرين: منهم أبو الليث في تفسير القرآن (٣/١٧٢)، والبغوي في معالم التنزيل (٤/١٠٣)، وابن الجوزي في زاد المسير (٧/٢٣٤)، والرازي في التفسير الكبير (٢٧/٧٠)، والقرطبي في الجامع (١٥/٣٢٦) وقال: إنه قول أكثر المفسرين. وقال شيخ الإسلام ـ في مجموع الفتاوى (١٥/١٢)، بعد أن ذكر القولين ـ: (فالدعاء يتضمن النوعين، وهو في دعاء العبادة أظهر؛ ولهذا أعقبه ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي﴾ ).
قلت: وقوله: ﴿أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ يؤيد قول من قال: الدعاء هو الطلب. إلا أنه قد أُجيب عنه بأنه لما عبّر عن العبادة بالدعاء جعل الإثابة استجابة ليتجانس اللفظ. انظر الوسيط (٤/٢٠)، ومعالم التنزيل (٤/١٠٣).
٣ انظر شرح العقيدة الطحاوية، ص (٦٨٢). وهذا الذي رجح به المؤلف وقبله شيخ الإسلام قد سبقهما إليه الواحدي. انظر الوسيط (٤/٢٠).
٤ سورة السجدة، الآية: ١٧. وجاءت هنا سهوا، وموضعها ص (٢٧).
٥ انظر فتح القدير (٤/٤٩١)، وفتح البيان (٨/٣٢٣)، والتحرير والتنوير (٢٤/٢٦٣).
٦ انظر شرح العقيدة الطحاوية، ص (٦٤٣).


الصفحة التالية
Icon