في الإسلام طرطوس كذا قال الواحدي، وفي الكشف: أن المدينة التي خرجوا منها غير المدينة التي بعثوا إليها لشراء الطعام، إذ أفسوس من أعمال طرطوس وهي ناحية.
(فلينظر أيها أزكى طعاماً) أي لينظر أي أهلها أطيب طعاماً وأحل كسباً أو أرخص سعراً وأي استفهامية أو موصولة.
قال ابن عباس: أحل وأطهر ذبيحة لأنهم كانوا يذبحون للطواغيت أو أكثر بركة، وقيل يجوز أن يكون الضمير إلى الأطعمة المدلول عليها في المقام كما يقال زيد طيب أبا علي أن الأب هو زيد وفيه بعد:
(فليأتكم برزق منه) أي من الورق أي بَدَلَه أو من قوت وطعام تأكلونه واستدل بالآية على حل ذبائح أهل الكتاب لأن عامة أهل المدينة كانوا كفاراً وفيه قوم يخفون إيمانهم؛ ووجه الاستدلال أن الطعام يتناول اللحم كما يتناول غيره مما يطلق عليه اسم الطعام (وليتلطف) أي يدقق النظر حتى لا يُعْرَف أو لا يُغْبَن والأول أولى ويؤيده (ولا يشعرن بكم أحداً) من الناس أي لا يفعلن ما يؤدي إلى الشعور ويتسبب له فهذا النهي يتضمن التأكيد للأمر بالتلطف.
ثم علل ما سبق من الأمر والنهي فقال
(إنهم) أي أهل المدينة (إن يظهروا عليكم) أي يطلعوا ويعلموا بمكانكم (يرجموكم) يقتلوكم بالرجم وهذه القِتْلة هي أخبث قِتْلة وكأن ذلك كان عادة لهم ولهذا خصه من بين أنواع ما يقع به القتل، وقيل يشتموكم ويؤذوكم بالقول والأول أولى (أو يعيدوكم في ملتهم) أي يردوكم إلى ملتهم التي كنتم عليها قبل أن يهديكم الله أو يصيِّروكم إليها كرهاً والمراد بالعود هنا الصيرورة على تقدير أنهم لم يكونوا على ملتهم وإيثار كلمة " في " على كلمة إلى للدلالة على الاستقرار.
(ولن تفلحوا إذاً أبداً) في إذاً معنى الشرط والجزاء كأنه قال إن رجعتم إى دينهم فلن تفلحوا إذاً أبداً لا في الدنيا ولا في الآخرة.