وقال ابن عمر: فرق الله به يوم القيامة بين أهل الهدى وأهل الضلاله، وقيل: هو نهر تسيل منه نار وعلى حافتيه حيات مثل البغال الدهم، وقيل: الموبق البرزخ البعيد لأنهم في قعر جهنم وهم في أعلى الجنان، وعلى هذا فهو اسم مكان.
قال ابن الأعرابي: كل حاجز بين الشيئين فهو موبق، وقال الفراء: الموبق المهلك، وبه قال مجاهد وابن عباس، والمعنى جعلنا تواصلهم في الدنيا مهلكاً لهم في الآخرة يقال وَبِق يَوْبَق فهو وَبِقٌ هكذا ذكره الفراء في المصادر، وحكى الكسائي وَبِق يَبِق وبوقاً فهو وابق، والمراد بالمهلك على هذا هو عذاب النار يشتركون فيه، والأول أولى لأن من جملة من زعموا أنهم شركاء لله الملائكة وعزير والمسيح فالموبق هو المكان الحائل بينهم، وقال أبو عبيدة: الموبق هنا الموعد للهلاك، وقد ثبت في اللغة أَوْبَقَهُم بمعنى أهلكهم ولكن المناسب لمعنى الآية هو المعنى الأول.
(ورأى المجرمون النار) أي عاينوها من مسيرة أربعين عاماً وهو موضوع موضع الضمير للإشارة إلى زيادة الذم لهم بهذا الوصف المسجل عليهم به (فظنوا) أي أيقنوا (أنهم مواقعوها) أي داخلوها وواقعون فيها، والمواقعة المخالطة بالوقوع فيها، وقيل: أن الكفار يرون النار من مكان بعيد فيظنون ذلك ظناً (ولم يجدوا عنها مصرفاً) أي معدلاً يعدلون إليه أو انصرافاً لأن النار قد أحاطت بهم من كل جانب.
قال الواحدي: اْلمَصْرِف الموضع الذي ينصرف إليه. وقال القتيبي: أي معدلاً ينصرفون إليه، وقيل ملجأً يلجأون إليه، والمعنى متقارب في الجميع.


الصفحة التالية
Icon