فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جداراً يريد أن ينقض فأقامه، قال مائل، فقال الخضر بيده هكذا فأقامه، فقال موسى قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا! لو شئت لاتخذت عليه أجراً، قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبراً، فقال رسول الله ﷺ " وددنا أن موسى كان صبر حتى يقص علينا من خبرهما "، قال سعيد بن جبير: وكان ابن عباس يقرأ: وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة غصباً، وكان يقرأ وأما الغلام فكان كافراً وكان أبواه مؤمنين وبقية روايات سعيد بن جبير عن ابن عباس عن أبي بن كعب هي موافقة لهذه الرواية في المعنى وإن تفاوتت الألفاظ في بعضها، فلا فائدة في الإطالة بذكرها، وكذلك روايات غير سعيد عنه.
(فانطلقا) أي موسى والخضر على ساحل البحر يطلبان السفينة ومعهما يوشع، وإنما لم يذكر في الآية لأنه تابع لموسى؛ فالمقصود ذكر موسى والخضر وقال القشيري؛ والأظهر أن موسى صرف فتاه لما لقي الخضر، وقال أبو العباس: اكتفى بذكر التبوع عن التابع، فمرت بهم سفينة فكلموهم أن يحملوهم فحملوهم بغير نول (حتى إذا ركبا في السفينة خرقها) قيل قلع لوحاً من ألواحها وقيل لوحين مما يلي الماء بفأس لما بلغت اللجج، وقيل خرق جدار السفينة ليعيبها ولا يتسارع الغرق إليها.
(قال) موسى (أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئاً إمراً) أي عظيماً يقال أمر الأمر إذا كبر وعظم، وإمر الاسم منه، وقال أبو عبيدة: الإمر الداهية العظيمة، وقال القتيبي: الإمر العجب، وبه قال قتادة، وقال الأخفش: أمر أمره يأمر إذا اشتد والاسم الإمر. وقال ابن عباس: أمراً نكراً. وعن مجاهد نحوه روى أن الماء لم يدخلها.
(قال) الخضر (ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبراً) أذكره ما تقدم


الصفحة التالية
Icon